إنه الله فكيف لا تحبه ............؟
--------------------------------------------------------------------------------
من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه … و أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة … وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره … و أن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له… وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته … وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه … ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته … وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه …
وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه …… وأنك أحوج شيء إليه وأنت معرض …… وفيما يبعدك عنه راغب ……
كيف تعرف ربك ؟؟
*من لم يعرف نفسه كيف يعرف خالقه ؟
فاعلم أن الله تعالى خلق في صدرك بيتاً وهو القلب ، ووضع في صدرك عرشاً لمعرفته يستوي عليه المثل الأعلى ، فهو مستو على عرشه بذاته بائن من خلقه .
والمثل الأعلى من معرفته ومحبته وتوحيده مستو على سرير القلب ، وعلى السرير بساط من الرضا ، ووضع عن يمينه وشماله مرافق شرائعه و أوامره ، وفتح إليه باباً من جنة رحمته والأنس به والشوق إلى لقائه ، وأمطره من وابل كلامه ما أنبت فيه أصناف الرياحين والأشجار المثمرة ؛ من أنواع الطاعات والتهليل والتسبيح والتحميد والتقديس ، وجعل في وسط البستان شجرة معرفة ، فهي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها من المحبة و الإنابة والخشية والفرح به والابتهاج بقربه ، وأجرى إلى تلك الشجرة ما يسقيها من تدبر كلامه وفهمه والعمل به وتوحيده ، فهو يستمد من ( شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ و لو لم تمسسه نار ) " النور 35 " .
العارف بالله :
العارف في الأرض ريحانة من رياحين الجنة … إذا شمها المريد اشتاقت نفسه إلى الجنة ….
* حب الله :
قلب المحب موضوع بين جلال محبوبه وجماله ، فإذا لا حظ جلاله هابه وعظمه ، وإذا لا حظ جماله أحبه واشتاق إليه …
كلمات من نور :
* ليس العجب من مملوك يتذلل لله و يتعبد له و لا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، وإنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوكه بصنوف إنعامه ، و يتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه !
كفى بك عزاً أنك له عبد *** وكفى بك فخراً أنه لك رب .
__________________________________________
المصدر : كتاب فوائد الفوائد للإمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية ( رحمه الله تعالى )