الثوم نبات ذو فوائد جمة، عرفه الناس منذ آلاف السنين، إلى جانب فائدته الغذائية, وربما قدرته العلاجية، وكونه مضاداً حيوياً فاعلاً، هو الذي جعله يدخل في كثير من الأطعمة بصورة تفوق بقية البهارات والنباتات.. والكثيرون يدركون فوائده العلاجية من خلال التجارب اليومية. استخدمه قدماء المصريين وبناة الأهرامات في زيادة قوتهم الجسمية، وفي الحماية من الأمراض، وقد اكتشفوا سر بقائه مدة طويلة من الزمن دون أن يتعرَّض للتلف، فوجد أن بعض الفراعنة حرصوا على دفنه مع الجثة في المقبرة تقديراً له، ودليلاً على مكانته عندهم.
وعندما اجتاح مرض الطاعون مناطق واسعة من العالم قبل أكثر من ستة قرون، كانت المجتمعات التي اعتادت على تناول الثوم هي الأقل في عدد الإصابات، بل كان الذين يتناولونه بكميات كبيرة أكثر قدرة على مقاومة الأمراض.
***
واستخدم الثوم منذ عشرات السنين كمطهر ومضاد حيوي ضد الجروح وواقٍ من التلوث، حتى استخدم في المستشفيات، وكان مفعوله جيداً لا يقل عن البنسلين ولم يغفل العلماء هذه الحقائق، بل اهتموا به وعقدوا من أجله المؤتمرات، وقد شهدت واشنطون قبل 15 سنة أكبر مؤتمر عالمي لبحث فوائد الثوم، وقد أكد الباحثون خلال المؤتمر أن نبات الثوم يأتي على قائمة الأعشاب المساعدة على الشفاء من الأمراض.
الثوم يقاوم عشرات الأمراض
اهتم العرب بالثوم وعرفوا فوائده، ومن قبل ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن ليعزز ذلك من مكانة الثوم ويؤكد أهميته لدى العرب والمسلمين، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى فوائد الثوم الغذائية والطبية وقال صلى الله عليه وسلم (كلوا الثوم وتداووا به فإن فيه شفاء من سبعين داء) وعلى الرغم من فوائد الثوم العظيمة طبياً وغذائياً، لكن رائحته النفاذة والمنفرة جعلت إقبال الناس عليه لا يرقى لمستوى فوائده، ولكن في العصر الحديث أصبح تناول مستحضرات الثوم أمراً سهلاً لأنها عديمة الرائحة وعظيمة الفائدة، وفي ذات الوقت أمكن التغلب على رائحته المنفرة بعدة وسائل.
أصل النبات الساحر
هذه النبتة الساحرة القوية المقوية الفاعلة تنتمي إلى إحدى الفصائل النباتية المألوفة والمعروفة التي ينتمي إليها البصل والكرات، غير أن الثوم يتميز عن غيره بالشكل في الثمرة والأوراق والفاعلية، ويوجد في العالم ما بين 30 300 فصيلة من نبات الثوم، حيث تسهل زراعته في المناطق الجوفية والمناخية منه، ويحتوي فص الثوم الواحد على تشكيلة من المواد الغذائية المتنوعة التي يندر وجودها بنفس الكمية في أي نبات آخر، حيث يحتوي على الدهون ومادة البروتين والكربوهيدرات والالياف والبوتاسيوم والفوسفور والكالسيوم والصوديوم والحديد والأحماض والناسين والثيامين والفيتامين والعديد من المواد الأخرى من معادن نادرة وانزيمات ومضادات حيوية ومواد نووية وغيرها.
الكيفية والجرعات
لكي نستفيد من الثوم صحياً يتم تناول فص أو فصين من الثوم النيء يومياً وليس من المستحب ان تزيد الكمية عن ذلك، ويمكن مضغه ثم بلعه أو بلعه مقطعاً أو تناوله مع السلطة.
ويفضل أخذ فص ثوم مقسم إلى عدة أجزاء مع نصف كوب من اللبن، واذا أمكن تحلية اللبن بملعقة من عسل النحل، وعادة يتم تناول الثوم قبل أو بعد الأكل، وليس هناك ما يدل على اي فائدة له في حالة تناوله على الريق، ويمكن تناول الثوم المطبوخ إلى جانب النيء بمعدل فصين أو أكثر في اليوم الواحد.
وعلى الرغم من ان مستحضرات الثوم العصرية تقي من روائحه النفاذة والمزعجة، لكن الاعتماد على تناول الثوم الطبيعي أفضل من الاعتماد على مستحضراته، خصوصاً وان بعض هذه المستحضرات لم يتم تجريب فاعليته أو بالأحرى لم تثبت تلك الفاعلية، وربما بعضها يستحضر من مواد أخرى شبيهة بالثوم من ناحية الطعم والرائحة لذا يفضل أخذ الثوم الطبيعي لتفادي هذه السلبيات.
الثوم والقلب.. صداقة دائمة
تقدم خطوة نحو الثوم يتقدم نحوك خطوات ويعطيك الكثير من فوائدة فهو مفيد في صحة القلب، والتقليل من انخفاض ضغط الدم المرتفع، ويمكن تصنيف الثوم كصديق دائم وودود للقلب، والخبراء والأطباء في مختلف انحاء العالم يقرون بأهمية الثوم للوقاية والعلاج من أمراض القلب، والمقصود بذلك مرض الذبحة الصدرية، أو قصور الشريان التاجي أو الأزمات القلبية أو الجلطات.
وأكدت الدراسات والبحوث أن للثوم فوائد عظيمة في تنظيم ضغط الدم، وان ذلك التأثير يعود إلى أن الأحماض الأمينية الكبريتية المميزة بالثوم تعمل على خفض ضغط الدم المرتفع، كما يساعد الثوم على تعديل ضغط الدم المنخفض أيضاً، وهذه خاصية نادرة لنبات واحد يعمل على معالجة الارتفاع والانخفاض.. أي انه يضبط ضغط الدم في الحالتين وهي خاصية ينفرد بها دون سائر النباتات، فهو بذلك يوفر حماية مهمة للقلب ضد الأمراض التي قد يتسبب فيه الارتفاع الشديد لضغط الدم أو الانخفاض الحاد للضغط.
خافض لمستوى الكوليسترول
الثوم خافض فاعل لمستوى الكوليسترول في الجسم، حيث يتكون الكوليسترول في الكبد ويحصل عليه الجسم من المواد الغذائية الغنية بالدهون الحيوانية المصدر.. وهو نوعان نوع ضار يسمى اختصاراً (LOL) ونوع نافع يسمى (HOL) والفرق بينهما ان النوع الضار يترسب بالشرايين كالشريان التاجي المغذي لعضلة القلب، وهذا يؤدي إلى تصلب الشريان أو الشرايين ومن ثم الإصابة بالذبحة الصدرية، أما النوع الآخر فليست لديه خاصة الترسب بالشرايين، بل العكس فهو يقاوم ترسيب النوع الأول, ويعمل على التقليل من مخاطره.
وقد أثبتت التجارب العلمية أن الثوم يعمل على خفض مستوى الكوليسترول الضار، وبالتالي فهو تلقائياً يعزز وظيفة الكوليسترول المفيد ويدعم مقاومته لمخاطر النوع الضار، ويعمل على ضبط مستوى الدهون بالدم بالشكل الذي يجعلها آمنة, وبالقدر الذي يحقق سلامة الشرايين ومن ثم حفظ القلب وحمايته من مخاطر تصلب الشرايين والذبحات والجلطات.
كيف يحمي الثوم من الجلطات؟
الإنسان بحاجة الا يكون دمه سائلاً بصفة مطلقة، وإلا لأدى أبسط الجروح إلى نزيف يسحب كل الدم من الجسم، وكذلك ألا يكون الدم متجلطاً بشكل دائم، لأن في ذلك خطراً على الشرايين فينقطع اتصالها ببقية اجزاء الجسم وتحرم تلك الاعضاء من الدم ويموت الإنسان.. حالة الوسط هذه بين التجلط والسيولة يفيد فيها الثوم بشكل فاعل يحفظ التوازن بين الحالتين.
ويعمل الثوم على التقليل من مفعول مادة تسمى ثرومبوكسين وهي المادة التي تساعد على تجلط الدم، لكنه لا يترك أثراً سلبياً على مادة أخرى مهمتها المحافظة على سيولة الدم وهي مادة بروستاسيكلين.
حديثاً اثبتت الدراسات والبحوث أن الثوم له مفعول يفوق مفعول الاسبرين في المحافظة على سيولة الدم وحماية المرضى من حدوث الجلطات، وهذه خاصية أخرى ينفرد بها الثوم عن غيره، كونه يفوق العقاقير الحديثة في أداء وظائفها، ويختص بذلك دون غيره من سائر النباتات.
مقاومة السرطان والميكروبات
للثوم قدرة فاعلة في التصدي لمرض السرطان من أكثر من اتجاه، فهو يعمل على تنشيط الجهاز المناعي ليصبح أكثر قدرة على مقاومة الخلايا السرطانية والتصدي لها، ومن جهة ثانية فان لديه القدرة على تخليص الجسم من السموم التي يفرزها مرض السرطان، بالإضافة إلى قدرته في محاربة البكتريا والفيروسات التي تهاجم الجسم، غير أن له صداقة مع بقية خلايا الجسم السليمة، فلا يؤذيها ولا يؤثر عليها سبلياً.
فهو صديق جسم الإنسان، وقادر على تصنيف أعدائه داخل الجسم ومعاداته، والحفاظ على أصدقائه وحمايتهم والذود عنهم، ومن ثم يحرص على انتاج الخلايا التي تشكل له رأس الرمح في حربه ضد السرطانات والبكتريا والميكروبات، وثبت علمياً أن الثوم يقضي على أنواع عديدة من الفيروسات، ويقاوم العدوى بالفطريات، والإصابة بالديدان الطفيلية المعدية.
تنظيم الجلوكلوز بالدم
من خصائص الثوم الكثيرة انه يعمل على تنظيم مستوى السكر (الجلوكوز) بالدم لذا يحرص عليه مرضى السكر ومن يعانون بانخفاض مستوى السكر، وقد أفادت بحوث علمية حديثة اجريت في الولايات المتحدة الأمريكية ان الثوم نبات ذو خاصية فاعلة لمقاومة ارتفاع مستوى السكر بالدم، وأكدت التجارب انه عندما يرتفع مستوى السكر بالدم يعمل الثوم تحفيز البنكرياس لافراز كمية من الانسولين للتخلص من السكر الزائد, وفي ذات الوقت يساعد الكبد على سحب كميات السكر الزائدة من الدم وبهذه الطريقة يقي المريض مخاطر الارتفاع.
فوائد أخرى
وللحديث بقيا