[/size]* ســارة :
استقرت حياتي انا وعمر بعد الخطوبة الرسمية ، وشعرنا سويا باستقرار نفسي كبير ...
أصبح لكل منا شريك يستريح على شاطئه ويلقي على كتفه همومه ..
أصبحت لا أخجل من وجود رجل فى حياتي ..
أكلمه على الملأ أمام أبي وأخوتي ، وأتحدث عن آراءه وأفكاره وأستشهد بها بدون خجل ..
وهل يخجل المحامى عندما يستشهد بمواد القانون ؟؟ ..
وان كان الأمر لا يخلو من المشاحنات والخلافات البسيطة ، التي تزداد بعصبية عمر التي تشتعل سريعا وتخبو سريعا ..
ولكني أخاف كثيرا من هذه العصبية ، والتسرع فى رد الفعل الخاطىء له فى أحيان كثيرة ..
ومما يزيد عصبيته عنادى الطفولى الذى هو من أبرز عيوبي للأسف ..
***********
* عمــر :
شعور جميل ان يكون لك صديق وحبيب في حياتك ، تتبادل معه الأخبار والأوجاع والضحكات ..
أشعر أنني قبل معرفتي بسارة لم أكن موجودا فى هذه الحياة ..
أشعر معها وكأنني طفل صغير ، يعود سريعا فى نهاية يومه ؛ ليقص على أمه كل ما حدث له فى يومه ..
أحب ردودها التلقائية وضحكاتها البريئة وخوفها الطفولي ، عندما يرتفع صوتي فى عصبية ، ولا أطيق غضبها مني وأبادر دوما بمصالحتها ..
كم أحب وجودك معي يا سارة ..
***********
* ســارة :
لاحظت أن أكثر أوقات خلافنا أنا وعمر هي عند عودتي من عملي فى الرابعة ..
ولو اتصل بى ووجدني نائمة |، أو رددت عليه فى تعب يختلق أي مشكلة تافهة ، ويغضب عليها ..
هل يغار عمر من عملي ؟! أم من انشغالي عنه لمدة ساعات في اليوم ؟؟
رغم اني أحادثه من عملى تليفونيا ، وأصلاً عملي من الثامنة حتى الرابعة زي ناس كثيرين جدا ..
أمّال لو كنت طبيبة ، وأبات فى المستشفى كان عمل ايه ؟؟ .. أكيد كان انتحر ..
راودتني شكوك حول الموضوع ده ، واشتكيت لأمي فقالت لي : " طبيعة الرجل دوما أنانية ، لا يريد أن يشغلك عنه أحد أخر ، حتى لو كان عملك ونجاحك .. استحملي يا بنتي ، ولا تفتحي معه هذا الموضوع حتى يفتحه هو ... "
ولم أنتظر طويلا حتى جاء يوم ، وكلمني فى التليفون بعد عملي كالمعتاد وكنت ح أموت وأنام ساعة ، فكنت أرد عليه سريعا ، فلاحظ ذلك ..
وقال لي مباشرة : " سارة انتى الشغل ده مهم عندك أوي ؟ "
قلت: " يعني ايه مهم يا عمر؟ .. هوّ يعني فستان آخده ولا اسيبه ؟ .. ده شغلي ونجاحي .. وبعدين قصدك ايه ؟ "
رد عليّ بحدة: " قصدى انك ياريت تسيبيه بعد الزواج ، وياريت من دلوقتي "
رددت عليه بذهول: " بتقول ايه يا عمر ليه ده كله ؟ هوّ شغلي مضايقك في ايه بس ؟ "
قال عمر: " أنا ما أحبش مراتي تشتغل ، وترجع البيت الساعة خمسة ، وتتبهدل فى المواصلات .. علشان ايه ده كله ؟؟ "
قلت له في صوت عال بعض الشيء: " طيّب ما قلتش ده ليه قبل الخطوبة ؟ واتقدمت ليّ ليه أصلا وانت عارف اني باشتغل ؟؟ "
فوجىء عمر من رد فعلي الهجومي ، وكأنه كان يتوقع الطاعة المطلقة: " يعني لو كنت قلت لك ده قبل الخطوبة كنتي ما وافقتيش عليّ ؟ "
رددت بعناد وبتسرع: " طبعا "
صمت عمر ، وتألم من ردي القاسي ولم يرد .......
حاولت تهدئة الجو قبل أن تثور ثائرته، وقلت له: ، ياعمر من فضلك افهمني ..
ليه دايما الرجل اول ما يشوف بنت ، وتعجبه يعجبه نشاطها ونجاحها فى العمل ، وطموحها ، وثقافتها ويتقرب لها من الجانب ده ..
ولمّا خلاص تصبح ملكه ، يسعى جاهدا ان يجعلها صورة من جدته ، لا تخرج ولا تعمل ولا تبدى اى آراء الا من خلاله ؟ ..
ثم بعد هذا يشتكى من تغيرها بعد الزواج ... " !!!!
رد عمر: " أنا مش عاوز أخليكي زي جدتي ولا حاجة .. أنا بس مش عاوزك تشتغلي .. فيها حاجة دي؟ "
فقلت أنا: " كان مفروض تكون صريح معايا اول ما اتقابلنا ، وتقول لي الكلام ده ، وانا اللي اقرر حياتي ح تكون ازاي معاك ، واما اوافق او ارفض ..
لكن انت كده بتضعني امام الأمر الواقع .... "
رد بعصبية كبيرة: " يعنى انا خدعتك يا سارة ؟.. قصدك كده؟؟ "
حاولت تهدئته فقلت له: " يا سيدي ولا خدعتني ولا حاجة .. طب انت ايه اللى مضايقك من شغلي؟؟ "
قال: " تقدري تقوليلي لما نتجوّز ح تراعى البيت ازاي ، وانتي بترجعي المغرب .. ولما نخلّف ح تسيبي البيبي فين الوقت ده كله ؟؟ "
رددت عليه: هوّ أنا اول انسانة فى الكون بتشتغل ؟.. اكيد كل دي حياة ملايين السيدات مش انا بس؟؟ "
قال بضيق: " أهو انا باتضايق من عنادك ده يا سارة ........ "
استفزتني الكلمة فقلت: " ده مش عند .. ده حق ليّ اني اكون ناجحة ..
المفروض وجودنا فى حياة بعض ، يخلّينا احنا الاتنين ناجحين ..
مش واحد ينجح ، والتاني يكون مجرد ظل باهت للاخر وخلاص ..... "
قال بعصبية: " يعنى انتى مش عاوزة تسمعي كلامي ؟؟ "
رددت بعناد كبير: " اسمع كلامك لما يكون فيه منطق .. لكن لما يكون تحكّم وخلاص وفرض رأي انا آسفة .. مش ح اقدر أسيب شغلى بدون مبررات كافية "
قال: " ده اخر كلام عندك ؟ "
أحسست ان كلمته دي بداية مشكلة كبيرة ، ومع ذلك رددت بعناد كبير: " ايوة "
وانتهت المناقشة بقوله: " خلاص انتي اللى اخترتي يا سارة ............. "
***********
" بعـد أيـّـام "
* ســارة :
أول مرة نتخاصم انا وعمر من يوم ما اتخطبنا ..
اتخانقنا كتير لكن كنا بنتصالح سريعاُ ..
والحق يقال كان هو دائما من يبادر بصلحي ، حتى لو كنت انا المخطئة ..
احساس البعد سيء جدا .. شعرت ان ايام الخصام القصيرة مرت كأنها شهور طويلة ..
لم يحادثني فى التليفون ، ولم يرسل لي رسالة ، ولا حتى رنّة من الموبايل .. وأنا كرامتي منعتني أن أبدأ أنا بالحديث ..
لماذا يضغط عليّ بهذا الأسلوب ، كي يرغمني على التنازل عن مستقبلي .. وهل هذا آخر تنازل أم ان سلسلة التنازلات لن تنتهي؟!!
انا لا أعرف وجه تصميمه على تركى العمل .. وهل وانا تعديت الخامسة والعشرين آخذ مصروفي من ابي مثل الاطفال ؟؟..
ومتى انضج واتعلم الاستقلالية اذن ؟.. فى سن الستين؟؟
يبدو ان الرجل يريد من زوجته ان تكون تابعاُ له بلا اي شخصية ..
كده يا عمر هنت عليك ؟؟؟؟
***********
* عمــر :
كده يا سارة هنت عليكي ؟؟؟
لم تفكر ان تتصل بي ، ولا مرة حتى ، ولو من باب الاطمئنان عليّ ..
انا الذى عوّدتها على هذا الاسلوب .. في كل مرة نختلف ابادر انا بمصالحتها حتى لو كانت هي المخطئة ..
انا بجد دلعتها كتير وممكن تظن انها متحكمة فيّ بهذا الأسلوب ، او ان شخصيتي ضعيفة ..
لا انا مش ح اسأل عليها المرة دي مع اني ح اتجنن وأسمع صوتها ..
بس هيّ لازم تسمع كلامي وتطيعني بلا نقاش !!.. وبرضه مش ح اتصل ..
***********
* ســارة :
درجة حرارتي ارتفعت من الانفلونزا ، واشعر بصداع رهيب ألزمني الفراش ..
يبدو ان هذا مرض نفسي زي ما بيقولوا .. ووجدتها حجة مقنعة كي ابكي براحتي ، واتحجّج بالصداع ..
لاحظت امي ان عمر لا يتصل ولا يأتي منذ أسبوع ، فسألتني عن السبب فتحججت بحجج واهية ..
فقالت لي: " أسألي عنه انتي يا سارة .. الراجل بيحب دائما ان يشعر باهتمام كبير مثل الطفل تماما .. "
فرفضت بشدة .. ففهمتْ ان هناك مشكلة ولم تلح عليّ فى معرفة الأسباب .. وخرجت من غرفتى وتركتني انام ..
وبعد قليل سمعت صوتها يتحدث فى التليفون مع حماتي العزيزة ، وتجتهد ان تجعل الحديث عادياً جداً ، وختمته بخبر هام جدا من أجله كان كل هذا الاتصال ، وهو: " ان سارة عيانة جدا جدا.. ونايمة ياعيني في السرير درجة حرارتها 60 .... "
تابعت الحديث ، وابتسمت من حنيّة امي ورقّتها ..
تريد أن تصالحنا انا وعمر بدون ان تتطفل او تتدخّل ..
.. يا حبيبتى يا ماما ..
بس لو عمر ما اتصلش برضه بعد ما يعرف انى تعبانة ..
يبقى .....
معقول؟.. معقول يا عمر ؟؟؟
***********
* عمــر :
سارة تعبانة؟.. يا حبيبتى يا سارة ؟؟؟
علشان كده ما اتصلتش بيّ وانا ظلمتها ..
لازم اروح لها حالا ً.. أهو المرض جه حجة كويسة علشان اروح بسبب مقنع ، اصلي خلاص بجد مش قادر على البعد والخصام الرهيب ده ..
***********
* ســارة :
كده يا عمر ولا حتى رسالة ؟؟؟؟؟
قلتها لنفسي ، وانا لا أنزل عيني من على الموبيل ، وكأنني اخاف لو ابعدت عينى عنه لن اسمعه لو رن ..
منتظرة اتصال عمر الذى لا يأتي .. يبدو انه فعلاً قاسي ويرغمني بكل الطرق ان اتنازل عن كل شىء ، حتى يضغط عليّ وانا مريضة ...
لا يمكن أكلمه بعد اليوم .. ولا اعتقد اني سأكمل الخطوبة اصلاً ..
بجد مش عاوزاه و ....
صوت ماما يرن في أذني: " عمر جه يا سارة .. " !!!!!